الأربعاء 31 ديسمبر 2025 - 12:02
الشيخ الزكزاكيّ: سيناريو تقسيم أفريقيا قيد التنفيذ بوجهٍ جديدٍ

وكالة الحوزة - قال الشيخ الزكزاكيّ: إنّ خطابنا موجّهٌ إلى الحكّام الذين يقتلون أبناء شعبهم من أجل الحصول على المال والمنصب؛ اعلموا أنّه عندما تنتهي مهمّتكم، فإنّ الذين استخدموكم سيقتلونكم أنتم أيضًا، تمامًا كما فعلوا مع صدّام والقذّافيّ.

وكالة أنباء الحوزة - أعادت وسائل الإعلام الأفريقيّة نشر خطاب الشيخ إبراهيم الزكزاكيّ، الذي ألقاه في 25 رجب 1435هـ (الموافق لـ 24 مايو 2014م) خلال مراسم «يوم الشهداء» التي أقيمت بحضور عشرات الآلاف من الإخوة والأخوات المسلمين في مدينة زاريا. وذلك على خلفيّة الأحداث والتطوّرات الجارية في نيجيريا، وكذلك تدخّل الولايات المتّحدة الأمريكيّة في شؤون أفريقيا، ولا سيّما في نيجيريا.

وفيما يلي نصّ هذا الخطاب التاريخيّ:

نحن اليوم في بلادنا نواجه ظاهرةً جديدةً. لقد حذّرتُ مرارًا في خطاباتي السابقة من أنّ أمرًا ما في طريقه للحدوث. هناك شيءٌ جديدٌ يلوح في الأفق، وهذا الشيء ليس سوى إعادة احتلال أفريقيا.

لقد أعلنت القوى العالميّة منذ سنواتٍ أنّ القرن القادم سيكون «قرن أفريقيا»؛ ولماذا ذلك؟ لأنّ أفريقيا، وفقًا لتقديراتهم، تمتلك ما يقارب ثلثي ثروات العالم؛ ومن هنا قرّروا السيطرة على أفريقيا مرّةً أخرى، ولكن بأسلوبٍ جديدٍ، وهو ما أسموه بـ «الهجمة الثانية لتقسيم أفريقيا».

في المرحلة الأولى من تقسيم أفريقيا، اجتمعت القوى الأوروبيّة - بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال وبلجيكا - في مؤتمر برلين، وتقاسموا القارّة الأفريقيّة فيما بينهم. واليوم، يتكرّر السيناريو ذاته ولكن بوجهٍ جديدٍ؛ حيث أعلنت الولايات المتّحدة بكلّ صراحةٍ أنّها ستستخدم «أداة الإرهاب» من أجل إعادة احتلال أفريقيا، وما نشهده اليوم هو بالضبط تنفيذٌ لهذا المخطّط.

لقد بدؤوا هذا المسار في ليبيا؛ فبعد صحوة الشعوب العربية وانتفاضة الشعب المصريّ التي أثارت الرعب في الغرب، قاموا بتدمير ليبيا وقتل القذّافيّ، وتركوا بلدًا لا يسوده سوى القتل والصراعات القبلية والدمار، بينما هم ينهبون ثرواته.

إنّ ليبيا ونيجيريا كلتيهما تمتلكان نفطًا عالي الجودة يُعرف باسم «النفط الحلو= Sweet Crude»؛ فنفط ليبيا الآن أصبح عمليًّا في قبضتهم، ونفط نيجيريا أيضًا جرى الاستيلاء عليه منذ سنواتٍ؛ فإنّهم يعيّنون بضعة عناصر تافهةٍ - رئيسًا، أو نائبًا، أو محافظًا، أو وزيرًا - لنهب ثروات البلاد.

واليوم، قد لجؤوا إلى أسلوبٍ جديدٍ لاحتلال الدول، ولهذا السبب احتلّوا «مالي»؛ فتصل أخبار الاشتباكات في كيدال وغاو إلى المسامع؛ حيث تظهر جماعاتٌ مسلّحةٌ تطلق النار عشوائيًّا، ثمّ يُقال إنّهم «جهاديّيون إسلاميّيون»!

بينما الحقيقة هي أنّه تمّ اكتشاف موارد هائلةٍ من الذهب في مالي؛ ذاك الذهب الذي كانت تُروى عنه الحكايات منذ أمدٍ بعيدٍ، وهو الذهب المنسوب إلى زمن «مانسا موسى» الملك التاريخيّ لمالي، الذي أصبحت ثروته مضربًا للمثل في التاريخ.

وبعد اكتشاف هذه الثروة، تم تصميم سيناريو احتلال مالي. وقيل إنّ جماعاتٍ جاءت من الجزائر وسيطرت على أكثر من نصف مالي وأسّست حكومة باسم «أزواد»، ثم دخلت فرنسا متظاهرةً بمحاربة الإرهاب، بينما كان الهدف الحقيقيّ هو نهب الذهب.

وفي أفريقيا الوسطى أيضًا، بدأت مذابح تحت ذريعة الاشتباكات بين جماعاتٍ مسلّحةٍ تسمّى «سيليكا»- والتي لا تُعرف هويّتها الحقيقيّة- ثمّ جرى تنظيم ميليشيات مسيحيّة «أنتي بالاكا» لقتل المسلمين، خصوصًا الرعاة «الفولاني»، بينما كان الهدف الحقيقيّ هو الألماس.

وكذلك قالوا في أفريقيا الوسطى إنّ «زعيمًا مسلمًا» يدعى «مايكل أودوفيا» قام بالانقلاب العسكريّ! هل سمعتم قط بمسلمٍ اسمه «مايكل»؟ إنّ هذه الأكاذيب الصارخة ليست سوى ذرائع لتبرير التواجد العسكريّ وقتل المسلمين.

وهذا النمط ذاته تكرّر في جنوب السودان عبر إذكاء النزاعات القبليّة، وفي نيجيريا عبر مشروعٍ يُسمّى «بوكو حرام»؛ وهو المشروع الذي أقرّ العديد من المحلّلين الأمريكيّين بأنّه من صنع الأجهزة الأمنيّة الغربيّة.

أمّا قضيّة اختطاف الفتيات من المدارس، فهي أيضًا كانت مشروعًا حكوميًّا. فالعائلات تعرف جيّدًا من اختطف بناتها. إنّ حكومة جوناثان كانت هي المسؤولة المباشرة عن ذلك. والاحتجاجات لا معنى لها؛ فإذا كانت هناك حكومةٌ فاطلبوا منها، وإذا كانت بوكو حرام، فأين هي أصلًا؟ فهي أيضًا تحت سيطرة القواعد العسكريّة التابعة للحكومة. لا وجود حقيقيًّا لبوكو حرام؛ إنّها أكذوبةٌ كبيرةٌ. إذا كان هدفكم هو التجارة فتاجروا معنا، ولكن لا تتّخذوا من ديننا وسيلةً للخداع، ولا تتظاهروا بأنّكم جئتم لإنقاذنا بينما جئتم للنهب.

واليوم، دخل الإرهاب الحقيقيّ - أي الولايات المتّحدة الأمريكيّة- إلى الساحة؛ ونفس النموذج الذي نفّذوه في أفغانستان والعراق يجري تنفيذه هنا. فدمّروا هذه البلدان باستخدام أسلحة الدمار الشامل تحت ذريعة «أسامة بن لادن»، ولا يزالون يسرقون مواردها. وفي نيجيريا، تُنفّذ الخطة ذاتها من أجل الذهب واليورانيوم والمعادن الثمينة في زامفارا، وبيرنين غواري، وزاريا، وسوكوتو، وبورنو.

إنّ خطابنا موجّهٌ إلى الحكّام الذين يقتلون أبناء شعبهم من أجل الحصول على المال والمنصب؛ اعلموا أنّه عندما تنتهي مهمّتكم، فإنّ الذين استخدموكم سيقتلونكم أنتم أيضًا، تمامًا كما فعلوا مع صدّام والقذّافيّ.

إنّ هذه الأزمة تستهدفنا بشكلٍ مباشرٍ، والصمود أمامها واجبٌ دينيٌّ؛ ومن يُقتل في هذا السبيل فهو شهيدٌ. نحن نمتلك سلاحنا؛ فهو سلاح الإيمان والوعي والمقاومة.

وختامًا، نسأل اللّه أن يحفظنا في سلامةٍ حتّى «يوم الشهداء» القادم، وأن ينصرنا ويظفرنا على أعدائنا.

وصلّى اللّه على محمّدٍ وآله الطاهرين، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

لمراجعة التقرير باللغة الفارسيّة يرجى الضغط هنا.

المحرر: أمين فتحي

المصدر: وكالة أنباء الحوزة عن مركز نشر آثار الشيخ إبراهيم الزكزاكيّ

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha